[size=45]جلس بجانب كرسيها المتحرك , أثنى ركبتيه وضمهما إلى صدره وأحنى عليهما رأسه المتعب وتفكيره السارح مع ذكراها..
الآن ! الآن وقد رحلت إلى الأبد !! دمعة نزلت في غير أوانها, انعكست عليها صورة المكان وذلك الكرسي الفارغ إلا من رداء كانت تضعه على كتفيها وتبعد به لفحات البرد..
رفع رأسه الذليل, واخذ يجوب المكان بنظراته المنكسرة, وليس سوى حر أنفاسه الملتهبة ووحشة الجدران الأربعة..! أطلقة آهته المكبوتة ليطرد بها ضيق صدره , يطلقها وكأنها آخر أنفاسه وليتها تكون..!!
في كل زاوية له ذكرى , في كل ركن يطارده طيفها الرقيق وكأنه أصبح بالنسبة له شبحا يكتم أنفاسه ويضيق عليه منافذ الهواء !!
- أين أنتي ؟ عودي لي وسوف احبك , سوف اقبل الأرض تحت قدميك !!
اخرج عباراته وكأنها الشوك يجرح بها حلقه ! حسرى وذهول , وعقله مازال لا يصدق !! هل ماتت ؟
وذكرى اللقاءات ! الان ارتسمت أمام عينيه ليعيشها بكل مافيها, و هو وحده مع رائحة عطرها في الغرفة! فرآها وهي تحمل كراساتها, نظمهم إلى صدرها وهي تنتظر خروجه من الدراسة ! وما إن تراه مقبل عليها حتى تلفحه ابتسامتها العذبة البراقة وكأنها اشراقة يوم جديد !! وصور وصور , وهو يتقلب على مسامير الندم والحسرى !
ابنة عمه الوحيدة.. حبها الجارف , أشواقها إليه, حنان قلبها وطيبته..ومن أول اللحظات التي جمعتهما وعلى مداد ذلك العمر كله , كانت دائما الأخت العطوفة , الزوجة المحبة والمخلصة.. والصديقة التي ما تخلت عنه يوما..!! وعطاء ومحبة قابلها إهماله وتجاهله , فكانت قسوة قلبه مصدات لأمواج حنوها ومحبتها , و ما استطاعت أن تخترق ذلك الحاجز الفولاذي !!
صوتها يتردد , يسمعه وكأنه الآن !! أنينها وهي في السرير بمفردها تقاسي الوجع والمرض.. فيرد على أناتها بأن يشد اللحاف على رأسه ويسترسل في النوم..!! والآن ! الآن من يسمع صراخك !؟ من يسكن انتفاضاتك ؟
ما أحبها يوما ! بل زاد حقده ونقمته عليها حين قررت العائلة جمعهما زوجين وربطهما بمصير واحد..!! ابنة العم الوحيدة ,وعائلة صغيرة جمعوهم ليكونا الأمان..!
وسنوات مرت عجافا رغم طوفان حبها له ! إلا أن قلبه القاحل وأرضه الجرداء ما تركت لحبها منبت !! عيشة الهوان يسقيها.. تخلى عنها في محنتها وفي مرضها ! بل وتمنى رحيلها ليعيش..!!
والآن ينادي وقد محقها المرض وتركها في الغابرين !
- أرجوك عودي !! سامحيني كنت أعمى وحقير !
احبك.. احبك...!
ليس على الهامش :
وكأن النعمة لا يحس منها الا اثرها !! وكأن المحبين لا يرون النعيم بغير الجفى !!
وكأن اللحظة الجميلة لا يظهر طعمها الا مع طعم الغفلة والندم !!
[/size]
الآن ! الآن وقد رحلت إلى الأبد !! دمعة نزلت في غير أوانها, انعكست عليها صورة المكان وذلك الكرسي الفارغ إلا من رداء كانت تضعه على كتفيها وتبعد به لفحات البرد..
رفع رأسه الذليل, واخذ يجوب المكان بنظراته المنكسرة, وليس سوى حر أنفاسه الملتهبة ووحشة الجدران الأربعة..! أطلقة آهته المكبوتة ليطرد بها ضيق صدره , يطلقها وكأنها آخر أنفاسه وليتها تكون..!!
في كل زاوية له ذكرى , في كل ركن يطارده طيفها الرقيق وكأنه أصبح بالنسبة له شبحا يكتم أنفاسه ويضيق عليه منافذ الهواء !!
- أين أنتي ؟ عودي لي وسوف احبك , سوف اقبل الأرض تحت قدميك !!
اخرج عباراته وكأنها الشوك يجرح بها حلقه ! حسرى وذهول , وعقله مازال لا يصدق !! هل ماتت ؟
وذكرى اللقاءات ! الان ارتسمت أمام عينيه ليعيشها بكل مافيها, و هو وحده مع رائحة عطرها في الغرفة! فرآها وهي تحمل كراساتها, نظمهم إلى صدرها وهي تنتظر خروجه من الدراسة ! وما إن تراه مقبل عليها حتى تلفحه ابتسامتها العذبة البراقة وكأنها اشراقة يوم جديد !! وصور وصور , وهو يتقلب على مسامير الندم والحسرى !
ابنة عمه الوحيدة.. حبها الجارف , أشواقها إليه, حنان قلبها وطيبته..ومن أول اللحظات التي جمعتهما وعلى مداد ذلك العمر كله , كانت دائما الأخت العطوفة , الزوجة المحبة والمخلصة.. والصديقة التي ما تخلت عنه يوما..!! وعطاء ومحبة قابلها إهماله وتجاهله , فكانت قسوة قلبه مصدات لأمواج حنوها ومحبتها , و ما استطاعت أن تخترق ذلك الحاجز الفولاذي !!
صوتها يتردد , يسمعه وكأنه الآن !! أنينها وهي في السرير بمفردها تقاسي الوجع والمرض.. فيرد على أناتها بأن يشد اللحاف على رأسه ويسترسل في النوم..!! والآن ! الآن من يسمع صراخك !؟ من يسكن انتفاضاتك ؟
ما أحبها يوما ! بل زاد حقده ونقمته عليها حين قررت العائلة جمعهما زوجين وربطهما بمصير واحد..!! ابنة العم الوحيدة ,وعائلة صغيرة جمعوهم ليكونا الأمان..!
وسنوات مرت عجافا رغم طوفان حبها له ! إلا أن قلبه القاحل وأرضه الجرداء ما تركت لحبها منبت !! عيشة الهوان يسقيها.. تخلى عنها في محنتها وفي مرضها ! بل وتمنى رحيلها ليعيش..!!
والآن ينادي وقد محقها المرض وتركها في الغابرين !
- أرجوك عودي !! سامحيني كنت أعمى وحقير !
احبك.. احبك...!
ليس على الهامش :
وكأن النعمة لا يحس منها الا اثرها !! وكأن المحبين لا يرون النعيم بغير الجفى !!
وكأن اللحظة الجميلة لا يظهر طعمها الا مع طعم الغفلة والندم !!
[/size]